الأسطور انتي

عنتي (يعرف أيضا ب: آنتايوس أو آنتي) هو بطل من الميثولوجيا الأمازيغية، بحيث كان هذا الأخير حامي أرض الأمازيغ ضد الأجانب الذين حاولوا إيذاء الأمازيغ. كما إرتبط بالميثولوجيا الأغريقية...




معنى اسم عنتي :



لا يعرف معنى إسم عنتي على وجه الدقة، بل ولربما لا يعرف إسمه الأصلي الدقيق. ويسميه البعض عنتي، في حين يسمى أيضا ب : آنتي و آنتايوس.



يعتقد البعض أن إسمه عنتي، كما كان يوصف حوروس حوروس عنتي. وهو ما قد يعني أن إسمه قد يعني : المصارع أو المحارب كما تعني في اللغة المصرية القديمة، بافتراض أن الإسم حامي الأصل يوجد في اللغة المصرية القديمة والأمازيغة التين ترتبطان إلى درجة ما فيما بينهما. وهو ما ذهب اليه الأستاذ مصطفى أعشي.



يقول حفيظ خضيري (اسفض) باحث في الميتولوجيا واللغة الأمازيغية :



"إن اسم عنتي إسم مُحَرَّف وإسمه الحقيقي "انتر" أولاً لأن حرف العين غير موجود في الأمازيغية. فالعين ينطقها العبريون وأبناء عمومتهم العرب، ومقابلها عندنا حرف "الألف" وبالتالي فانتر معناه الذًي يدفن. والاسطورة كما تروى فإن انتر يدفن كل غاز. واشتقاقية كلمة انتر اتت من "اكر-اشر" ومعناه التراب. ثم إن أمه كايا هي أصلا اكل (الأرض) يستمد بها انتر قوته".



انتي حسب الأسطورة :



حسب الأسطورة فعنتي هو ابن رب البحر بوسيدون، وربة الأرض غايا، وزوج تينجا التي تسمى أيضا تنجيس. وهو ما نقله لنا المؤرخون القدماء. وهذا لا يعني وجود معبودين عند كلا الشعبين. فالأسطورة الإغريقية تعرفه بالعملاق الليبي، أي الأمازيغي. كما أن هرقل الذي صارعه، صارع خارج بلاد الإغريق حسب الأسطورة الإغريقية.



اعتماداً على عدد من الروايات، يرجح الباحثون أن يكون انتي قد أقام في مدينة طنجة، التي كانت تعرف بتينجيس. وحسب العديد من الكتاب القدماء فإن حدائق الهسبريد التي حدد موقعها عند الكتاب الكلاسيكيين بين منطقة طنجة والليكسوس كانت مقرا لعنتي. ويعتقد بومبونيوس أنه في طنجة ترس عنتي الضخم، وهو مصنوع من جلد الفيل، وأنه نظرا لضخامته لم يقدر احد على حمله واستعماله.



لا يعتبر عنتي إلها بالمفهوم الكلاسيكي للآلهة عند الشعوب القديمة كبوصيدون وزيوس وغيرهم من الألهة، وإنما يعتبر بطلا من أنصاف الآلهة، المعروفون أيضا بالعمالقة، وهو من العبادات التي ظهرت في وقت متأخر ولم تكن معروفة في عهد هوميروس، ويعتقد الباحثون أنها ظهرت خلال القرن الخامس قبل الميلاد بالنسبة للأغريق.



أنصاف الآلهة هي غالباً ما تكون ثمرة ترابط بين إله كامل وامرأة قابلة للموت حسب الأساطير، ومثاله هرقل الذي ولد من زيوس وألكمنه، وبرسيوس الذي ولد من زيوس وداناي. أما عنتي فرغم تصنيفه ضمن هذه العبادات فهو ابن لأله وإلهة متكاملين وهما بوصيدون وغايا التي تعرف أحيانا بأم العماليق.



يكمن دور العماليق في مساعدة الإنسان، وكانت الشعوب تنسب نفساً إلى بطل من الأبطال، وتعتبره زعيماً لها تخضع لحمايته. وهو ما ينطبق على عنتي.



دور عنتي حسب الأسطورة :



يكمن دور عنتي حسب المصادر التي وصلتنا في كونه البطل الذي لا يهزم طالما أمكنه الاتصال بأمه الأرض، وتكفل بحماية أرض الأمازيغ ضد كل من حاول التسلل إليها قصد إيذائ الأمازيغ. وذكر كل من ديودور وبيندار وغيرهم أن عنتي كان يقدم على قطع رؤوس الغرباء الذين حاولوا التسلل إلى البلاد التي يحكمها. وكان يبني بجماجمهم معبدا لأبيه بوسيدون.



عنتي وهرقل :



ظل عنتي بطلا أسطورياً لا يقهر، وكان سلاحه سلاحاً سرياً هو أمه الأرض غايا. وكان يصارع كل الغرباء، وعندما تضعف قواه ينزل إلى الأرض و ينشر التراب على جسمه أو ينتشر عليه، وبذلك يستعيد قواه من جديد. وبقي الأمر على هذا النحو إلى تمكن البطل الأغريقي من اكتشاف سره.



حسب المصادر الإغريقية فإن هرقل كان عائداً بعد تمكنه من الحصول على التفاح الذهبي الذي أخذهما من الهسبريد، عائداً الى مدينة ميسينا، فتحداه عنتي في المصارعة فصارعه هرقل وفي صراع أسطوري طويل تمكن هرقل من معرفة نقطة ضعف عنتي فرفعه عن الأرض وضعفت قواه، وبالتالي تمكن من القضاء عليه. وهو ما اعتبر أحد أهم أعماله إلى جانب المهام الأثني عشر المستحيلة التي أنجزها ليفوز بالأبدية.



ونظراً لشهرة هذا الصراع الأسطوري، فقد تم رسمه في الأيقونات الأغريقية، واللافت أن الأغريق قد رسموه بشكل يبرز خصائص كل من شعبي البطلين، إذ تم رسم عنتي بشعر طويل ولحية طويلة وهي من مميزات مظهر الأمازيغ القدماء، في حين رسم هرقل بمظهر يمثل الإغريق القدماء أي بشعر قصير ولحية منظمة كما تميز به الاغريق. كما أن متحف اللوفر الفرنسي لازال يحتفظ برسم للفنان الأثيني أوفرونيوس، وهو عبارة عن لوحة تمثل البطل الأمازيغي عنتي وهو يصارع هرقل.



قبر عنتي :



إذا كان الصراع الأسطوري بين هرقل وعنتي قد عرف شهرة كبيرة، فإن قبر عنتي لم يقل شهرة وغرابة عن ذلك. فكما أبلغتنا المصادر الكلاسيكية، فقد قام الأمازيغ بوضع قبر لمعبودهم عنتي وكان حجمه مصدر شهرته منذ العصور القديمة. وهذا يرجع إلى ضخامة حجم القبر الذي وضع له.



أشار بلوتاركوس إلى أن أحد القادة الرومان وهو سيرتوريوس سمع بأن قبر عنتي موجود في طنجة، فقرر زيارة طنجة المعروفة آنذاك باسم طنجيس أو تينجا للإطلاع على قبره والتأكد من صحة ضخامته، لأنه لم يصدق ما يرويه البرابرة. فأخذه الأمازيغ إلى قبره ولاحظ بالفعل ضخامة حجمه التي بلغت قرابة الثلاثين متراً، فتيقن من عظمة معبودهم، وأخذه الإنبهار وذبح حيواناً قرباناً له إحياء لذكراه، وأثبت له كرامته ونمت شهرته بذلك. وحسب الروايات الكلاسيكية عندما ينتقص شخص ما مما يوجد فوق القبر "قبر عنتي" فإن المطر سيتساقط مباشرة بعد ذلك.



إلى جانب المصادر الكلاسيكية، فقد أقيمت بعثات عصرية لدراسة القبر، ويبرز قبر عنتي المتواجد في قرية مزوارة على بعد بضعة كيلوميترات عن طنجة، في شكل دائري محيطة ما يقارب خمسين متراً، وهو ما يثير اعجاب سكان المنطقة.



رمزية القضاء على عنتي :



يعتقد البعض أن الصراع الأسطوري الذي وقع بين العملاقين عنتي وهرقل يجسدان صراعاً واقعياً بين الأمازيغ والإغريق، وهو صراع دار بين كلا الشعبين خلال القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد. وهو صراع تميز بالشراسة قادته قبيلة الناسمون إلى جانب القرطاجيين بدافع المصلحة المشتركة التجارية على ما يبدو. قامت فيه قبيلة الناسمون بتجهيز صف أمازيغي كبير ضد الأغريق، فاكتسحوا فيه عدة مناطق إغريقية، وتمت فيه محاصرة الإغريق في منطقة بنغازي الحالية، ولم يتمكن الإغريق من الخلاص منه إلا بعد الإستنجاد بأسبرطة التي أرسلت أسطولا تمكن من فك الحصار.



يرى الأستاذ محمد الطاهر الجراري أن صراع هرقل وعنتي يبرز مدى شراسة الصراع الليبي الأمازيغي رغم عدم توفر المصادر بشكل كبير، مستدلاً بذلك بما رواه الكتاب القدماء عن صراع عنتي وهرقل. بحيث ذكر أن بندار أحد أهم شعراء الإغريق قد شبه أحد المنتصرين بهرقل دلالة على عناده وإصراره في حين شبه خصومه بالبطل الأمازيغي عنتي الذي انتصر عليه هرقل بالحيلة رغم قوته كما يروي بندار...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق